خليل رزق يكتب: عن البنك الزراعي الذي كان سندًا للفلاح

🛑البنك أنشئ خصيصا للفلاحين لمساعدتهم على الاستمرار في الزراعة وكي لا يضطروا لرهن أراضيهم للبنوك الأجنبية فيخسر الفلاح وتخسر الدولة


🛑خرج البنك عن هدفه وتحول إلى “بنك تجاري” ولم يعد سندًا للفلاح.. والتكييفات والكراسي الفخمة والدهانات تتكلف حوالي 7 مليار جنيه


🛑ما نخشاه هو أن تستولي على أسهم البنك شركات إسرائيلية أو إماراتية أو أجنبية وبالتالي تتحكم في الفلاح ويصبح مدينًا لها في بمنتجاتنا الزراعية


🛑بنك الائتمان الزراعي أحد أكبر البنوك الزراعية بالشرق الأوسط ويملك أكثر من 1210 أفرع و4 ملايين متر مربع سعات تخزيني و 392 شونة

أنشأت الدولة بنك التنمية والائتمان الزراعي عام 1931، لمواجهة سياسات البنوك الغربية التجارية التي كانت تقدم سلفه للفلاح بفائدة مرتفعة ثم تحجز على أرضه ومواشيه حال عدم السداد، وفي عام 1976  صدر قانون تم تعديل اسمه إلى “البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي” حيث كان يعمل على تقديم الدعم والتمويل اللازم للمزارعين لجميع المحاصيل الزراعية وجميع الأنشطة الخاصة  بالزراعة، كذلك تقديم كافة الخدمات المصرفية وتمويل (المشروعات الصغيرة والصغيرة جدا).


كان البنك بمثابة يد العون والسند لكل المزارعين، كان يوفر لهم الأسمدة والتقاوي والمخصبات ويقوم بتسليفهم ثمن المواشي وحتى الدواجن إلى حين موعد الحصاد، فيقوم الفلاح بسداد كل ما عليه مقابل رسوم قليلة أو فوائد زهيدة جدًا، حتى صدر مؤخرا القانون رقم 84 لسنة 2016 والذي بسببه  تحول البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي إلى بنك قطاع عام يسمى (البنك الزراعي المصري) يتخذ شكل شركة مساهمة مصرية مملوك رأس مالها بالكامل للدولة، ويكون له الشخصية الاعتبارية المستقلة، ومركزه الرئيسي مدينة القاهرة الكبرى، وتؤول له كافة حقوق البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي ويكون ملتزما به، وانتقل البنك إلى إشراف البنك المركزي المصري.


هذا البنك الذي تم إنشاؤه لأجل إقراض الفلاح بمبالغ بسيطة في حدود 10 آلاف جنيه، وفوائد أبسط حتى يتمكن من ردهم، إنما جاء متوافقًا مع طبيعة عمل الفلاح الذي يزرع ثم ينتظر عامًا حتى موعد الحصاد وبيع المحصول ثم السداد.. فتلك هي طبيعة المشروعات الصغيرة ومتنامية الصغر.

البنك أنشئ خصيصا للفلاحين بمبلغ مليون جنيه حتى يساعدهم على الاستمرار في الزراعة، وكي لا يضطروا إلى رهن أراضيهم للبنوك الأجنبية، فيتسبب ذلك في خسارة الفلاح وبالتالي خسارة الدولة.


يعتبر بنك الائتمان الزراعي أحد أكبر البنوك الزراعية بالوطن العربي والشرق الأوسط، حيث يملك  أكثر من 1210 أفرع، بمعدل بنك في كل قرية تغطي كافة الجمهورية، بالإضافة إلي  أكثر من 4 ملايين متر مربع سعات تخزينية مخصص منها مساحة مليوني متر مربع لاستلام الأقماح المحلية من المزارعين وعدد كبير من  الشون تصل إلى 392 شونة منتشرة بأنحاء الجمهورية.

تقريبا كل شون القمح والأرز الموجودة في مصر يملكها البنك الذي تم تغييره إلى بنك حَرَمَ الفلاح من إقراضه أرقامًا بسيطة واتجه لتسليف الشركات لمد خطوط الغاز والأفراد لشراء سيارات وأصبح يقبل ودائع. ما نخشاه هو أن تستولي على أسهم البنك شركات إسرائيلية أو إماراتية أو أجنبية وبالتالي تتحكم في الفلاح ويصبح مدينًا لها في بمنتجاتنا الزراعية.


لو أن الحكومة أعطت سندات للفلاح واعتبرتهم وديعة، ستصل أرباحهم إلى 300 مليون جنيه يستطيع بها تقديم خدماته للفلاح، هذا طبعا بخلال 50 مليار جنيه استولت عليها حكومة عاطف صدقي من أموال التعاونيات الزراعية.
خرج البنك عن هدفه ولم يعد للفلاح أي سند.. وحتي  يتوائم البنك مع الشكل الجديد له فلابد أن تكون خدماته ومنافسته للبنوك الأجنبية جيده فلابد من  دهانات وتكييفات وكراسي فخمة تتكلف حوالي 7 مليار جنيه!


القرية الفقيرة التي يدخلها المواطن في الشتاء سيرًا تحت الأمطار، أصبح للبنك فيها فرع به أجهزة تكييف وحراسة خاصة، بينما الفلاح الفقير يحتاج فقط إلى قرض من 2000 جنيه لشراء بعض الطيور لتنمية رأسماله.


هذا “التطوير” الذي أمر به البنك الدولي وتغير مسار البنك لبنك تجاري وطرحه كأسهم في البورصة للأسف لم يتضرر الفلاح ولا الزراعة التي نسعي إلى تنشيطها وتطويرها فحسب، وإنما تضرر أيضًا الموظفين في البنوك.
وخلال العامين الماضيين تم فصل مئات من الموظفين المستقرين في عملهم بدون تحويلهم للمحكمة العمالية وفق قانون العمل بما يسمي فصلا تعسفيا، أيضا تم حرمانهم من صرف كل مستحقاتهم داخل فروعهم.


كنا نتمنى أن تفتح الحكومة باب المعاش المبكر إن كانت لا تريد هذه العمالة، على أن تصرف لهم مستحقاتهم المالية بدلا من تركهم في سن الـ 50 أو الـ 55 مضطرين للبحث عن وظيفة في مكان آخر حتى بلوغ سن المعاش الرسمي فيُصرف له الحد الأدنى من المعاش.


أسر كاملة وكثيرة أصبحت بلا مورد رزق لا لسبب سوى أن هناك خططًا في تخفيض أعداد العمال، وإذا كان هؤلاء الموظفين قد صدر عنهم ما يخالف القوانين واللوائح فإن المحاكم أولى بالفصل في أمور كهذه، أما أن يتم فصلهم بهذا الشكل ودون النظر لأسرهم فإنه شئ يصعب تقبله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *