تونس على صفيح ساخن| مأساة مدرسية تُشعل احتجاجات التعليم.. وإضراب صحي يُنذر بشلل المؤسسات العمومية”
شهدت تونس يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 إضرابات عامة في قطاعي التعليم والصحة، تعبيرًا عن الغضب الشعبي والنقابي إزاء تدهور البنية التحتية وظروف العمل في المؤسسات العمومية.
مأساة في سيدي بوزيد تؤجج الغضب في قطاع التعليم
في ولاية سيدي بوزيد، لقي ثلاثة طلاب مصرعهم وأصيب اثنان آخران بجروح إثر انهيار جزء من سور مدرسة “ابن حزم” الثانوية في منطقة مزونة، نتيجة رياح قوية. وكان الطلاب يستعدون لاجتياز اختبارات البكالوريا المقررة بعد أسابيع.
استجابت المؤسسات التعليمية لدعوة نقابة التعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، ونفذت إضرابًا عامًا ترحّمًا على أرواح الضحايا واحتجاجًا على ما وصفته بتقاعس السلطات عن صيانة البنية التحتية للمدارس العمومية. وأشارت النقابة إلى أن هذه الفاجعة تعكس الإهمال المستمر في ترميم المؤسسات التعليمية، خاصة في المناطق الداخلية.
إضراب عام في قطاع الصحة احتجاجًا على تدهور الأوضاع المهنية والاجتماعية
أعلنت الجامعة العامة للصحة، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، عن تنفيذ إضراب عام في قطاع الصحة يوم الخميس 17 أبريل 2025، احتجاجًا على ما وصفته بـ”تدهور الأوضاع المهنية والاجتماعية” للعاملين في القطاع. يشمل الإضراب جميع المؤسسات الصحية العمومية، باستثناء أقسام الاستعجالي والإنعاش.
وأوضحت الجامعة في بيان لها أن هذا الإضراب يأتي بعد “فشل المفاوضات مع وزارة الصحة” بشأن تحسين ظروف العمل، وتسوية وضعيات الأعوان المتعاقدين، وتطبيق الاتفاقيات السابقة المتعلقة بالترقيات والمنح. كما طالبت بتوفير الإمكانيات اللازمة للمؤسسات الصحية، وضمان سلامة العاملين فيها، خاصة في ظل تكرار حوادث العنف ضد الإطار الطبي وشبه الطبي.
من جهتها، عبّرت وزارة الصحة عن أسفها لهذا القرار، مؤكدة التزامها بالحوار مع الشركاء الاجتماعيين، وسعيها لتحسين أوضاع العاملين في القطاع ضمن الإمكانيات المتاحة. ودعت إلى “تغليب المصلحة العامة” وعدم تعطيل الخدمات الصحية المقدّمة للمواطنين.
تأتي هذه التحركات في ظل تحديات كبيرة يواجهها القطاع الصحي في تونس، منها نقص الموارد البشرية والمعدات، وتزايد الضغط على المستشفيات، خاصة بعد جائحة كوفيد-19. كما يعاني العديد من المهنيين في القطاع من ظروف عمل صعبة، وتأخر في صرف المستحقات المالية، مما أدى إلى موجات من الاحتجاجات في السنوات الأخيرة.
يحذّر مراقبون من أن هذه الإضرابات قد تؤدي إلى شلل في الخدمات الطبية، وتأخير في مواعيد العمليات والاستشارات، مما قد يؤثر سلبًا على صحة المرضى، خاصة في المناطق الداخلية التي تعتمد بشكل كبير على المستشفيات العمومية. كما قد يزيد من الضغط على أقسام الاستعجالي، التي ستواصل العمل خلال الإضراب.
من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تحركات من قبل المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للضغط من أجل إيجاد حل سريع لهذه الأزمات، وضمان استمرارية الخدمات التعليمية والصحية للمواطنين، مع الحفاظ على حقوق العاملين في القطاعين.