إمرأة بمائة وجه| كامالا هاريس فرس رهان الديمقراطيين في الانتخابات ضد ترامب : من مهاجمة بايدن لنائبته

اتهمت بايدن بتأييد الفصل العنصري والعمل مع اليمين والتحرش ثم قالت كانت مناظرة وقبلت أن تصبح نائبته

داعمة للمهاجرين ومؤيدة للاحتلال الاسرائيلي.. ومعارضة للسياسات الصينية تجاه حقوق الإنسان وسليلة مالك رقيق

شاركت في رعاية مشروع قانون يعترض على قرار مجلس الأمن الذي أدان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلة

اتهمت بغض الطرف عن قسوة الشرطة إثر مقتل شابين أسودين.. وعليها شبهات بالتغاضي عن فساد في قضايا مخدرات

محمود هاشم

ما أن أعلن المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن (77 عاما) اختيار كامالا هاريس نائبة له في سباق منافسته الرئيس الحالي دونالد ترامب على مقعد الرجل الأول في البيت الأبيض، سارع الجميع بالبحث عن تاريخ المنافسة السابقة لبايدن على مقعد مرشح الحزب، ومواقفها من القضايا السياسية والاقتصادية التي تشتبك معها الولايات المتحدة في الداخل والخارج.

مهاجرة سليلة مالك رقيق

وهاريس، من مواليد 20 أكتوبر عام 1964 هي محامية وسياسية أمريكية، وتشغل منذ عام 2017، منصب سيناتور عن ولاية كاليفورنيا في مجلس الشيوخ الأمريكي، كما شغلت هاريس في الفترة ما بين عامي 2004 و 2011، وبصفتها عضو في الحزب الديموقراطي، منصب مدعي عام سان فرانسيسكو، وشغلت، بين عامي 2011 و 2017، منصب النائب العام الثاني والثلاثين لولاية كاليفورنيا، وفي عام 2020 اختارها المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن لتخوض الانتخابات كنائبة له.

كانت والدتها (شيامالا غوبالان) عالمة تاميلية هندية متخصصة بسرطان الثدي، هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 1960 بهدف الحصول على درجة الدكتوراه في علم الغدد الصماء من جامعة كاليفورنيا في بركلي، أما والدها، دونالد هاريس، فهو أستاذ في علوم الاقتصاد في جامعة ستانفورد هاجر من جامايكا في عام 1961 بهدف إكمال دراساته العليا في الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، وهو سليل أحد ملّاك الرقيق الجامايكيين، وهي تصنف على أنها هندية ومن أصحاب البشرة السوداء، لكنها ترى نفسها أمريكية بالدرجة الأولى.

داعمة للمهاجرين..  ومدافعة عن العدالة العرقية

في عام 2010، فازت هاريس في انتخابات المدعي العام لكاليفورنيا، وأُعيد انتخابها لنفس المنصب مرة أخرى عام 2014 بفارق أصوات كبير عن باقي المرشحين. في 8 نوفمبر من عام 2016، هزمت هاريس لوريتا سانشيز في انتخابات مجلس الشيوخ لتخلف السيناتور باربرا بوكسر المنتتهية ولايتها، وأصبحت بذلك ثالث امرأة تشغل مقعد السيناتور الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا، وأول سيناتور من أصول هندية أو جامايكية.

ودعمت هاريس، بعد حصولها على مقعد مجلس الشيوخ، الرعاية الصحية ذات الدفع الفردي، ومشروع إزالة القنب من الجدول الأول للمواد الخاضعة للرقابة، مع دعمها لإيجاد سبل لمساعدة المهاجرين غير المسجلين للحصول على الجنسية، ولقانون تطوير ورعاية وتثقيف المهاجرين القُصّر (المعروف اختصارًا باللغة الانكليزية بـ (DREAM ACT))، ولحظر البنادق الهجومية، ولتخفيض الأعباء الضريبية عن الطبقتين العاملة والمتوسطة مقابل زيادتها على الشركات وعلى ما نسبته 1% من الأمريكيين الأكثر ثراءً.

خاضت هاريس انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020 كمرشحة عن الحزب الديموقراطي، قبل إنهاء حملتها الانتخابية في 3 ديسمبر من عام 2019، وأمس أعلن بايدن، اختيارها لتخوض الانتخابات كنائبة له، لكنها ظهرت بعد انتهاء حملتها الانتخابية كمؤيدة صريحة لبايدن ومدافعة بارزة عن تشريع العدالة العرقية بعد مقتل جورج فلويد في أواخر مايو.

من مهاجمة لبايدن إلى ذراعه الأيمن

وتعتبر هاريس، البالغة من العمر 55 عامًا، أول امرأة سوداء وأول شخص من أصل هندي يرشحه حزب رئيسي لمنصب وطني، وهي رابع امرأة في تاريخ الولايات المتحدة يتم اختيارها للحصول على بطاقة رئاسية.

 كانت هاريس بعيدة عن الاختيار كنائب لجو بايدن، وكان بعض مستشاريه يخفون تحفظات مستمرة بشأنها بسبب أدائها غير الواضح كمرشحة للرئاسة، والكمين الذي نصبته بدقة ضد بايدن في المناظرة الأولى للموسم التمهيدي.

ففي هجوم ترك بايدن يترنح على المسرح أوجزت هاريس تاريخه في العمل مع اليمينيين في السبعينيات لمعارضة الحافلات المختلطة بين البيض والسود كوسيلة لدمج المدارس العامة.

وذكرت هاريس بحادثة شخصية في حينه، قائلة “كانت هناك فتاة صغيرة في كاليفورنيا وقعت ضحية عملية الفصل العنصري في مدرستها الخاصة.. تلك الفتاة الصغيرة كانت أنا”،  لكن بايدن لم يرد في حينه سوى بإجابة ضعيفة وباهتة، ما أدى إلى تراجعه في استطلاعات الرأي لبضعة أسابيع وقتها.

في حين عبر مستشاروه السياسيون عن غضبهم مما اعتبروه خيانة ساخرة، ووصفت زوجة بايدن هجوم هاريس على زوجها بأنه “لكمة في البطن”، لكن عندما سئلت هاريس عن هجومها الشديد خلال المناظرات الرئاسية الأولى ضد منافسها جو بايدن، ردت بكلمة واحدة تشير فيها إلى أنها كانت “مناظرة”.

وجه دعائي سياسي.. وبديل محتمل

وبعد مغادرتها السباق الرئاسي في ديسمبر، حولت هاريس انتباهها مرة أخرى إلى مجلس الشيوخ ووجدت هدفا جديدا وسط موجة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد ضد العنصرية المزعومة ووحشية الشرطة.

وسارت إلى جانب المتظاهرين ودافعت بقوة عن المقترحات لإصلاح أعمال الشرطة واعتبار الإعدام خارج نطاق القانون جريمة فيدرالية، وغالباً ما كانت تتحدث بنوع من الوضوح الذي استعصى عليها في الانتخابات التمهيدية الرئاسية حول القضايا الاقتصادية مثل الرعاية الصحية للجميع ورفع الضرائب.

 وصعدت هاريس إلى الصدارة الوطنية داخل الحزب الديمقراطي من خلال استجواب مرشحي ترامب خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ، من المدعي العام السابق جيف سيشنز إلى قاضي المحكمة العليا بريت كافانو.

ومع خلفيتها مُتعددة الأعراق كطفلة لاثنين من المهاجرين إلى الولايات المتحدة، اعتقد حلفاؤها أنها يمكن أن تكمل بايدن كوجه دعائي سياسي لأمريكا  المتنوعة.

وأثبتت هاريس أيضًا أنها تعمل بجد كبديل لبايدن في الأشهر الأخيرة، حيث شاركت في كل شيء بدءًا من أحداث السياسة الافتراضية مع الناخبين في المقاطعات المتأرجحة إلى جمع التبرعات المباشر لحفلة دي جي مع ديبلو ودي نايس عبر الإنترنت.

علاقة “منيعة” بإسرائيل.. وتخوف من “مخطط الضم”

أما عن مواقفها في السياسة الخارجية، فهاريس من أشد المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي، فبعد أشهر من أداء اليمين الدستورية في مجلس الشيوخ عام 2017 ألقت خطابا في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، اللوبي الأميركي الموالي لإسرائيل “أيباك” (AIPAC) واصفة العلاقة بين الطرفين بأنها “منيعة” وقالت “ينبغي ألا تكون إسرائيل قضية حزبية على الإطلاق، وطالما أنني عضو بمجلس الشيوخ عن الولايات المتحدة سأفعل كل ما في سلطتي لضمان الدعم الواسع والحزبي لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس”، بحسب قولها.

وكعضو بمجلس الشيوخ، شاركت هاريس في رعاية مشروع قانون يعترض على قرار مجلس الأمن الأممي الذي أدان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وكانت إدارة أوباما وبايدن قد سمحت بتمرير هذا القرار واختارت عدم استخدام حق النقض قبل أشهر.

وأشار إلى أنه عندما سألتها صحيفة نيويورك تايمز العام الماضي عما إذا كانت تعتقد أن إسرائيل تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، قالت هاريس “بشكل عام، نعم”.

وفي أوائل 2019 كانت واحدة من 23 ديمقراطيا صوتوا ضد مشروع قانون شجع الولايات الأميركية على تقييد الحق في مقاطعة إسرائيل. ومثل معظم الديمقراطيين أعربت عن معارضتها لخطط الحكومة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، واصفة الخطوة بأنها عمل “أحادي” يضر بإسرائيل.

وكتبت هاريس في رسالة إلى ترامب في يونيو “دعمي ثابت لأمن إسرائيل ولمذكرة التفاهم البالغة قيمتها 38 مليار دولار لمدة عشر سنوات”.

وأضافت “في ضوء هذا الدعم أشعر بقلق عميق إزاء تحذيرات بعض أبرز قادة الدفاع والاستخبارات الإسرائيليين السابقين بشأن الضم الذي يعتقدون أنه قد يؤدي إلى صراع خطير وانهيار إضافي للتعاون الأمني مع قوات الأمن الفلسطينية، وتشويش العلاقات السلمية بين إسرائيل وجاريها الأردن ومصر”.

مساندة للاتفاق النووي ورافضة لحظر دخول المسلمين

تدعم هاريس الاتفاق النووي مع طهران، حيث وبخت ترامب عام 2018 لانسحابه من الاتفاق النووي متعدد الأطراف. وقالت في بيان بعد انسحاب ترامب من الاتفاق “قرار اليوم بانتهاك الاتفاق النووي الإيراني يهدد أمننا القومي ويعزلنا عن أقرب حلفائنا”.

وفي أوائل العام الحالي، بعد الغارة الأمريكية التي قتلت قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، شاركت في رعاية تشريع يهدف إلى منع استخدام أموال وزارة الدفاع (البنتاجون) في عمل عسكري ضد إيران، في محاولة لتجنب الحرب مع الجمهورية الإسلامية.

وقالت حينها “لا شك، سليماني كان عدوا للولايات المتحدة، لكن تصرفات ترامب زادت من تأجيج التوترات وزعزعت استقرار المنطقة. ومن الضروري أن يأخذ الكونجرس مسؤوليته الدستورية على محمل الجد ويعمل على تهدئة الوضع”.

كما كانت هاريس معارضة لقرار ترامب حظر دخول المسلمين من عدة دول في يناير 2017، مستعينة بخبرتها السابقة كمدعية عامة في ولاية كاليفورنيا، وهي تشغل عضوية عدة لجان مهمة بمجلس الشيوخ، منها اللجنتان القضائية والمالية، وكذلك لجنتا الأمن الداخلي والاستخبارات.

لا وفاق مع الصين ولا مهادنة مع روسيا

كما تعرف عنها معارضتها القوية للسياسات الصينية تجاه حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بمسلمي الإويجور في غرب البلاد، وتناصر حقوق سكان هونغ كونغ، وتعارض ممارسات الصين التجارية غير العادلة.

وعارضت هاريس التقارب بين واشنطن وبيونغ يانغ، إذ ترى أن ترامب غير مؤهل للتعامل مع “دكتاتور محنك” مثل الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

وتعارض مواقف الرئيس المعادية للصدام مع حلف الناتو، كما تعارض تقاربه غير المبرر من روسيا وعلاقاته الجيدة برئيسها فلاديمير بوتين.وهاريس، 55 عامًا، هي الآن ثالث امرأة تشغل منصب نائب الرئيس عن حزب سياسي كبير، بعد جيرالدين فيرارو كنائب ديمقراطي لمنصب نائب الرئيس في 1984، وسارة بالين لمنصب نائب الرئيس الجمهوري في 2008.

شبهات فساد .. واتهامات بدعم جرائم الشرطة

وفي مقال له على سي ان إن العربية بعنوان “هاريس.. بداية النهاية” يقول بشار جرار الباحث المتخصص في شئون الإرهاب ” أن سجل كامالا التي واجهت بايدن في بداية حملتها الانتخابية بماضيه الداعم لدعاة الفصل العنصري والتمييز وذهبت أبعد من ذلك إلى حد تبنيها مزاعم من اتهمنه بالتحرش الجنسي، سجلها ليس بكامل في دعم العدالة والحرية، بل حافل بالعديد من العيوب من ضمنها اتهامات بغض الطرف عن قسوة الشرطة إثر مقتل شابين أسودين وشبهات بالتغاضي عن فساد في قضايا مخدرات أسفرت عن شطب نحو ألف قضية إضافة إلى مزاعم عدم توجيهها تهم فساد جراء تلاعب ومخالفات في قضايا ائتمان عقارية لبنك كان بقيادة وزير الخزانة الحالي ستيفن منوتشين. 

ويتابع ” بذلك لم يبق من اعتبارات تفضيل كامالا على آخر قائمة بأسماء منافساتها وبخاصة سوزان رايس مستشارة الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، سوى استمالة الليبراليين واليسار الوسط والمتطرف في الحزب الديمقراطي. لكن يسارية كامالا إن جاز التعبير ليست ليبرالية كاملة لا اجتماعيا ولا اقتصاديا. فهي تؤيد الإجهاض لكنها مترددة في موقفها من عقوبة الإعدام حيث رفضت المطالبة بهذه العقوبة لقاتل شرطي الأمر الذي لم يسلم من امتعاض عرابتها في مجلس الشيوخ المخضرمة ديان فينشتاين وانتقادها لها علانية في تأبين الفقيد. وهي تدعو إلى تبني إباحة تدخين الماريجوانا رغم سجنها مئات المتهمين وغالبيتهم من السود، متباهية في الوقت نفسه بارتباط موقفها الداعي إلى شرعنة التحشيش بإرث جامايكا الأمر الذي دفع أباها الأمريكي الجامايكي الأصل إلى انتقادها علانية وهو الذي انفصل عن والدتها الأمريكية من أصول هندية وهي في ربيعها السابع. أما اقتصاديا فهي مع رفع الضرائب وتخفيض الإنفاق على الدفاع وحظر التنقيب عن البترول والغاز عبر ما يعرف بالتكسير “فراكينغ””.

ويشبه الكثير من الخبراء حال إقدام بايدن على اختيار هاريس بحالات اختيار الرئيس السابق رونالد ريغان لأكبر خصومه في الانتخابات التمهيدية جورج بوش الأب، نائبا له في سباق انتخابات 1988، أو اختيار بيل كلينتون غريمه آل غور نائبا له في سباق انتخابات 1992.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *