بعد حملة مقاطعته.. أسرة فيلم “أميرة” تعلن وقف عرضه: مشاعر الأسرى وذويهم تآذت بسبب الصورة الضبابية حوله

دياب في بيان لأسرة العمل: الفيلم “خيالي” والحبكة فلسفية حول جوهر اختيارات الإنسان.. والأسرى الفلسطينيون ومشاعرهم قضيتنا الرئيسية

كتب- محمود هاشم: أعلنت أسرة فيلم “أميرة”، وقف عرض العمل بعد الجدل الذي أثاره مؤخرا بتناوله قضية “نطف الأسرى الفلسطينيين”، بشكل رآه فلسطينيون  “تشويها لنضال الأسرى، وتوظيفا سيئا للفن في خدمة الاحتلال”، وذلك بعد يوم من إعلان رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدري أبوبكر، وقف عرض “أميرة” رسميا في الأردن.

وقال محمد دياب، مخرج وأحد مؤلفي العمل: “منذ بداية عرض الفيلم في سبتمبر ٢٠٢١ في مهرجان فينيسيا، الذي تبعه عرضه في العالم العربي في مهرجاني الجونة وقرطاج، وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائماً أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد الاحتلال بوضوح”.

وأضاف، في بيان لأسرة الفيلم، اليوم الخميس: “كان من المفهوم تماماً لأسرة الفيلم حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية، لهذا كان القرار التصريح بأن قصة الفيلم خيالية، ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول “منذ ٢٠١٢ ولد أكثر من ١٠٠ طفل بطريقة تهريب النطف، كل الأطفال تم التأكد من نسبهم، طرق التهريب تظل غامضة”.

وأوضح دياب أن أسرة الفيلم “لم تترك الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم ١٨ عاماً يتنافى منطقياً مع بداية اللجوء لتهريب النطف في ٢٠١٢”.

وأشار إلى أن الفيلم يتناول معاناة وبطولات الأسرى وأسرهم ويظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دوماً ما تجد طريقة للمقاومة والاستمرار، ويحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة للفلسطينيين.

وأكد أن اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الانسان وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد لشخص آخر، والفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة. والفيلم يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم، لافتا إلى أن الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص ويرسم صورة عكسية غير معبرة عن الفيلم.

ونوه إلى أن “الفيلم من بطولة كوكبة من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم ودافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو إيمانهم بأهمية رسالة الفيلم الذي هو في النهاية رؤية ومسؤولية مخرجه، وأن أسرة الفيلم تتفهم الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما يظنونه إساءة للأسرى وذويهم، وهو غضب وطني نتفهمه ولكن كنا نتمنى أن تتم مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلاً أو اجتزاء”.

وتابع: “الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم والذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم، ونحن نعتبر أن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم هم الأولوية لنا وقضيتنا الرئيسية، لذلك سيتم وقف أي عروض للفيلم، ونطالب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته. نحن مؤمنين بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية”.

كانت منظمات فلسطينية ونشطاء أطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة وسحب فيلم أميرة، الذي اختاره الأردن لتمثيل المملكة في جوائز الأوسكار عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة (2022)، مؤكدين أنه يخدم الاحتلال وروايته ضد الأسرى، في الوقت االذي أشارت تقارير لوقف عرضه رسميا في الأردن.

الفيلم من بطولة الفنانة صبا مبارك، والفنان الفلسطيني علي سليمان، وتارا عبود في تجربتها السينمائية الأولى، ومن تأليف الثلاثي شيرين وخالد ومحمد دياب، إخراج محمد دياب، ومن إنتاج شركة “فيلم كلينك” التي يديرها المنتج ورئيس مهرجانا لقاهرة السينمائي محمد حفظي، وشركة “أكاميديا بيكتشرز” الإماراتية، بالاشتراك مع شركة “الاستوديو” الإماراتية التي تمثلها الإعلامية منى عبد الوهاب، ويشارك المخرج هاني أبو أسعد وأميرة دياب كمنتجين فنيين، كما يشارك الداعية معز مسعود كمنتج فني للعمل.

ويتناول العمل قضية “أطفال النطف” التي ظهرت حينما قرر الأسرى الفلسطينيون بالإنجاب عبر تهريب النطف خارج المعتقلات، وإطلاق اسم “أطفال الحرية” على أبنائهم، حيث يحكي الفيلم عن حارس سجن إسرائيلي يغير العينة الخاصة بأسير فلسطيني، ويضع العينة الخاصة به، وهوما طرح تساؤلات حول التشكيك في نسب أبناء الأسرى، الأمر الذي رد عليه دياب، في تصريحات سابقة، موضحا أن عددا من الفلسطينيين تواصلوا معه في ظل حساسية الأمر، ما جعله يكتب في النهاية أن الفيلم خيالي، وأن كافة الأطفال تم إثبات نسبهم فيما بعد.

رد دياب لم يوقف الهجوم على الفيلم، حيث صرح رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدري أبوبكر، في تصريحات إعلامية، أن الأردن قرر رسميا وقف عرض “أميرة” بالأردن، مضيفا أن الهيئة تعمل على وقف عرضه بشكل كلي.

وأكد مكتب إعلام الأسرى، الأربعاء، أن فيلم “أميرة” الذي يتناول قضية سفراء الحرية من أطفال الأسرى؛ هو توظيف سيء للفن ويخدم الاحتلال.

وقال في بيان له إن ما تناوله الفيلم بهذا الأسلوب وهذا المستوى من الهبوط الفكري، والسلوك الذميم، والتوظيف السيئ للفن والإعلام في التعامل مع قضية نطف الأسرى المهربة، لا يخدم سوى الاحتلال ولا يسيء إلا لصاحبه.

وأوضح أن الثقة والبطولة التي يتحلى بها الأسرى تملأ نفوس الشعب الفلسطيني إجلالاً وإكباراً لهم، ولن تتأثر بفعلٍ أو قولٍ مرجف، وأن معارك الأسرى مع السجان مفتوحة وفي كل المجالات، ومسيرة حياتهم لن ولم تتعطل مهما كان من معيقات أو معوّقات ومسيرة سفراء الحرية لن تتوقف. وأضاف أن قضية سفراء الحرية ما هي إلا إصرار وعزيمة على إكمال مسيرة الحياة وتحدٍ للاحتلال والسجان، يُسجل بها الأسرى الأبطال انتصاراً فريداً ونموذجاً للحياة رغم عتمة السجن وقهر السجان التي لطالما حاربها، وسعى جاهداً لإيقافها ولم يترك وسيلة من قمع ونقل وعقوبة وحرمان من الزيارات لمنعها، ولم يستطع بفعل ما يبدع في ابتكاره الأسرى من سبلٍ كفيله بحفظ وسلامة وتأمين نطفهم المهربة.

ودعا المكتب إلى إيقاف بث ونشر هذا الفيلم الذي يحمل أسلوبا ورسالة تخدم سياسات الاحتلال، ومحاسبة كل من يقف خلفه وإلا فهم شركاء مع الاحتلال، مطالبا بسحب الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ترشيحها للفيلم بالمنافسة على جائزة أوسكار، وطالب جهات الرقابة الرسمية بعدم السماح بعرض الفيلم لما يحمله من إساءة وتشويه ودس السم في العسل بما يخص نضالات الأسرى ومشروع سفراء الحرية، كما ناشد بتكثيف الجهود والعمل على تعزيز مكانة الأسرى الأبطال بإنتاج أعمال تخدم قضاياهم العادلة وتُعري الاحتلال وأساليبه الإجرامية. وختاما دعا أبناء الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لمقاطعة الفيلم وكل الجهات التي تتعامل معه أو تنشره أو تروج له، والتفاعل بكل قوة مع الأنشطة والفعاليات المطالبة بحذف الفيلم والاعتذار عن إنتاجه.

وقالت زوجة الأسير وليد دقة، في تعليقها على العمل: “”ابتسامة بنتي “ميلاد” النطفة المحررة، تُعادل كل القائمين على فيلم أميرة وكل دولة الاحتلال”.

فيلم «أميرة» حصل على جائزتي «لانترا ماجيكا» و«إنترفيلم»، في الدورة 78 من مهرجان فينيسيا السينمائي، إلا أن الأسير الأردني المحرر، حمزة الدباس، يرى أن تلك الرواية لا تخدم غير الاحتلال، مؤكدا في ذات السياق على أن عملية تهريب النُّطف تخضع لإجراءات معقّدة جدا من قبل الأسرى، ومن سابع المستحيلات أن تصل ليد المحتل، كما أن النطفة وبعد كلّ تلك الإجراءات تخضع لفحص الحمض النووي “DNA” في مراكز متخصصة، لزيادة التأكد ومن باب التشدد في الحرص على سلامة النطفة ومصدرها. وأكد الإعلامي علاء برقان، أن الفيلم يمثّل إساءة وتشويها للأسرى في سجون الاحتلال ونضالهم المستمر داخل السجون وهويخدم رواية الاحتلال.


وتساءل برقان عن دور هيئة الإعلام باعتبارها المؤسسة الرسمية المعنية بالرقابة على المحتوى الإعلامي الأردني قبل بثّه، مطالبا في ذات السياق بوقف بث الفيلم فوراً وسحبه من كافة المنصات وتحويل المنتج إلى لجنة تحقيق لمعرفة دوافعه.

وقالت الناشطة في مجال الدفاع عن الأسرى، شيرين نافع: إن أسوأ ما يمكن تقديمه للقضية الفلسطينية أن تناقشها بطريقة مشوهة ليست واقعية، وهذا ما حدث في فيلم أميرة.

وأضافت نافع: “فيلم أميرة الذي بثّ في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمان أول أمس، اختاره الأردن ليمثله في الأوسكار رغم ما يشكله من إساءة كبيرة لقضية الأسرى ولسفراء الحرية”، مطالبة في ذات السياق طاقم العمل بالاعتذار عن هذا التشويه، ودان الإعلامي الأردني ناصر شديد، العمل المسيء للأسرى.

فيما طالبت الإعلامية فيحاء خنفر نقابة الفنانين الأردنيين ببيان موقفها من الفيلم، مشيرة إلى حجم المغالطات التي تضمنها العمل والاساءات التي احتواها بحقّ الأسرى وذويهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *