اليوم العالمي لحرية الصحافة| حكاية أقدم 3 صحفيين بالحبس الاحتياطي: 4 سنوات لـ بدر.. و3 سنوات لـ الأعصر وودنان

اتهامات واحدة: مشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

حبس مطول دون محاكمة: بدر محمد في قضيتين منذ مارس 2017 وودنان والأعصر تدوير من قضية لأخرى منذ فبراير 2018

كتب- حسين حسنين

يحتفل العالم في 3 مايو من كل عام، باليوم العالمي لحرية الصحافة، بينما في مصر، يأتي هذا اليوم ليذكرنا بعدد كبير من الصحفيين والمصورين المحبوسين في قضايا سياسية أو أخرى مرتبطة بطبيعة عملهم الصحفي.

بدر محمد ومصطفى الأعصر ومعتز ودنان، هم أقدم ثلاثة صحفيين محبوسين احتياطيا الآن ، أكثر من 3 و4 سنوات دون محاكمة بينما جمعهم التدوير من قضية لأخرى. ثلاثة صحفيين، اثنان منهم اعتقلوا في قضية واحدة، وحصلوا على إخلاء سبيل في يوم واحد، وتم تدويرهم على قضية واحدة أيضا في وقت واحد، بينما الثالث تجاوز في حبسه 4 سنوات في الحبس بعد تدويره من قضية إلى أخرى مع اختفاء وانتهاكات مختلفة.

بدر محمد بدر.. رحلة الـ50 شهرا في الحبس

في مارس 2017، ألقت قوات الأمن القبض على الصحفي بدر محمد بدر، جرى احتجازه والتحقيق معه على ذمة القضية رقم 316 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا، والتي قضى محبوسا على ذمتها أكثر من عامين ونصف، حتى قرار إخلاء سبيله في ديسمبر 2019.

وأثناء إنهاء إجراءات إخلاء السبيل في قسم الشرطة التابع له بدر، اختفى تمام وأنكر القسم وجوده، ليظل مختفيا حتى فبراير 2020 ليظهر من جديد في نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسه على القضية رقم 1360 لسنة 2019 حصر أمن دولة.

ومنذ ذلك الحين وهو رهن الحبس الاحتياطي، يتم التجديد له دون الالتفات إلى مطالب المحامين بإخلاء سبيله، ما اعتبرته منظمات حقوقية تراقب أوضاع الصحفيين “عسف بدولة القانون”.

وتقول الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بشأن بدر محمد بدر، إن “قرارات الحبس بحقه عاصفة بحريته وبالقانون، وفي إهدار لا مثيل له بالدستور وحقوقه الإنسانية (…) ويتم تجديد حبسه ورقيا وتلقائيا في مخالفة فجة لقانون الإجراءات الجنائية واجب الأعمال وكأن حريته وحياته بلا ثمن وصارت مواثيق حقوق الإنسان والدستور والقانون بلا قيمة”.

وطالبت الشبكة العربية المستشار النائب العام “بوقف هذا الانتهاك والذي يمثل جريمة كبرى بحق مواطن مصري، والأمر بإخلاء سبيل الصحفي بدر محمد فورا لعدم مشروعية حبسه وسقوط أمره قانونا منذ أشهر حتى لا يتبدد ما بقي من أمل في إعمال سيادة القانون”.

يذكر أن بدر محمد عضوا بنقابة الصحفيين وعمل رئيسا لتحرير مجلة اللواء الإسلامي وجريدة الشعب المصرية ومديرا لتحرير صحيفة آفاق عربية ورئيس تحرير جريدة الأسرة العربية ثم مراسلا لقناة الجزيرة حتى تاريخ القبض عليه.

مصطفى الأعصر.. مقعد صحفي شاغر منذ أكثر من 3 سنوات

في فبراير 2018 وبينما يستقل الصحفي مصطفى الأعصر سيارة أجرة، أوقفتها قوات الأمن وألقت القبض عليه، ولكن، هل كان الأعصر على علم بأن هذا التوقيف سيتجاوز الـ3 سنوات ويدخل في العام الرابع؟ من قضية إلى أخرى ومن سجن إلى أخر.

ظهر الأعصر في نيابة أمن الدولة العليا بعد قرابة الشهر من الاختفاء، حققت معه نيابة أمن الدولة العليا وجرى إدراجه على القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، ليرافق آنذاك عدد كبير من الصحفيين والمدونين والسياسيين.

وظل الأعصر محبوسا على ذمة القضية حتى 7 مايو 2020 وقرار نيابة أمن الدولة إخلاء سبيله بعد تجاوزه مدة الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون بـ24 شهرا، وبالفعل تم نقل الأعصر إلى قسم الشرطة التابع له لإكمال إجراءات إخلاء السبيل.

وفي 11 مايو 2020، فوجئ الأعصر بإعادته من جديد إلى نيابة أمن الدولة ليكتشف تدويره على ذمة قضية جديدة حملت أرقام 1898 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، ليواجه عليها نفس الاتهامات السابقة بنشر أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

لا تنسو الأعصر فنسيانه هو أكثر هواجسه، يخشى أن يظل وحيدا في السجن وينساه الأصدقاء، لذلك كانت رسالته “لا تنسوا صاحب المقعد الأخير” شاهدة على هذه المخاوف، لتصبح أيقونة في المطالبة بالإفراج عن الأعصر وإنهاء معاناته وهواجسه.

ويقول الأعصر في رسالته: “أنا هنا دون الأصدقاء. الأصدقاء؛ هم لي وأنا لهم. أتذكرهم؟ أنساهم؟ التذكر يؤلمني والنسيان يطعنني في قدرة عقلي على الاستمرار والاحتفاظ بلحظات فارقة – حتى وإن كانت في نسق زمني غير متسق وغير متسلسل منطقيًا – لكن للعقل أساليبه الخاصة، وهيهات أن يتبع ما نريد”.

ويضيف: “لحظات الذاكرة المغبَّشة ترهقني، كأن جزءً مني ينفصل عني وأتشبث به كي لا يلوذ بالفرار، واللحظات الواضحة الجلية تدميني كلكمة بيد حديدية على الوجه، أما تلك التي بين بين فتقتلني لأنها تذكّرني بحالي، أنا الذي وقعت في المنتصف، اللا رابح واللا خاسر، اللا سعيد واللا تعيس، اللا حر واللا مقيد، اللا حي واللا ميت، الموجود على سبيل “الاحتياط”. أنا التجسيد الحي لحالة الميوعة المزعجة”.

وقال: “تجارب قليلة لا يعود الإنسان بعدها مثلما كان؛ أن يجرب الموت -مثلًا- في أحد أحبائه أو أن يعايش الموت -احتياطيًا- كسجين. وهذا الإنسان الجديد الذي يولد بعد انتهاء المحنة قد يعيش غربة أبدية عن ذاته ومجتمعه ومعارفه وأصدقائه، قد يواجه احتقار الذات التي افتضحت، وقد يختار الموت طوعًا كوسيلة فعالة للخلاص من السكاكين التي تمزقه، أو ينغمس شعوريًا وفكريًا بشكل جذري في كل تجربة آتية بلا أي تفكير نقدي كوليد يحبو نحو الحياة”.

معتز ودنان.. الحوار الذي حبس صاحبه 3 سنوات و3 أشهر

3 سنوات قضاها الصحفي معتز ودنان في الحبس الانفرادي، ممنوع من أبسط الحقوق التي نص عليها الدستور والقانون لصالح المحتجزين، مع زيارات قليلة تعد على أصابع اليد خلال هذه المدة الطويلة.

بدأت رحلة ودنان مع الحبس الاحتياطي المطول يوم 16 فبراير 2018 أثناء توجهه إلى زيارة عائلية، حيث أوقفت قوات الأمن السيارة الأجرة التي كان يقلها ودنان مع 3 من الأقرباء. في اليوم التالي أطلقت قوات الأمن سراح أقرباء ودنان، وظل هو رهن الاختفاء.

الحبس كان بعد أيام قليلة من حوار أجراه ودنان مع المستشار جنينة عقب الاعتداء عليه في الشارع، حيث تم القبض على جنينة يوم 13 فبراير 2018 وبعدها بـ3 أيام جاء توقيف ودنان. وبعد 5 أيام من واقعة القبض عليه، وتحديدا يوم 21 فبراير 2018، ظهر ودنان في نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسه 15 يوما احتياطيا على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة.

ظل ودنان منذ أول قرار للنيابة بحبسه وحتى يوم 7 مايو 2020، أي أكثر من المدة القانونية للحبس المنصوص عليها بـ24 شهرا، رهن الحبس في القضية رقم 441، حتى تقرر إخلاء سبيله على ذمتها.

ولكن في يوم 9 مايو 2020، فوجئ محامي معتز وأسرته بتدويره على ذمة قضية جديدة، تحمل رقم 1898 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، بنفس الاتهامات السابقة التي قضى على أثرها عامين وشهرين في الحبس.

وخلال الفترة الماضية، وفي مواجهة الانتهاكات ضده في محبسه، قال المرصد المصري للصحافة والإعلام إن ودنان لجأ إلى أداة “الاضراب عن الطعام” مرتين.

وبحسب المرصد “المرة الأولى كانت في 14 يونيو 2018، واستمر هذا الإضراب لمدة 3 أسابيع، وحينها اتخذ “ودنان” قرار الإضراب بسبب توقف ابنه “آدم” ذو الأربع سنوات عن الكلام جراء ما حدث لوالده، وكذلك بسبب المعاملة السيئة التي يتعرض لها داخل السجن، من حيث المنع من الزيارات، ومنع التريض نهائيًا، وعدم سماح إدارة السجن بدخول أي أدوات نظافة شخصية أو ملابس داخلية منذ لحظة حبسه احتياطيًا”.

وفي 1 يناير 2019 بدأ معتز ودنان إضرابه الثاني، بسبب قرب إتمامه عام من الحبس الاحتياطي، وتضامنت معه والدته هذه المرة، فبدأت هي الأخرى إضرابًا عن الطعام، في 15 مارس 2019، أي بعد مرور ما يقرب من شهرين ونصف من إضراب ابنها عن الطعام، حسبما ذكرت شقيقته في منشور لها على موقع “فيس بوك”.

لكن حالتها الصحية تأثرت بشكل بالغ بعد أسبوع من الإضراب، فقررت إنهائه بتعليق المحاليل الطبية، وكذلك أنهى نجلها معتز ودنان الإضراب، حيث تكرر سيناريو الإضراب الأول وأجبرته إدارة السجن على فك الإضراب.

وحتى الآن مازال ودنان قيد الحبس الاحتياطي المطول، في ظروف غير قانونية، فقط لقيامه بمهام عمله وإجراء حوارا صحفيا مع مسئول حكومي سابق.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *