“الهارب/العائد”| أشرف السعد يثير الجدل مجددًا بعد أنباء حول منعه من السفر إلى لندن (قصة الـ 50 مليون دولار سبب أزمته)

كتب – أحمد سلامة

مازال اسم رجل الأعمال “الهارب/العائد” أشرف السعد، يثير اللغط والجدل، خاصة بعد أن أعلن مؤخرًا أنه يعتزم العودة إلى العاصمة البريطانية لندن، تاركًا خلفه بلدًا وصفه هو بنفسه في أحد لقاءاته الإعلامية بأنه “أفضل من أوروبا”، ليفتح على نفسه بابًا واسعًا من الانتقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

“الهروب الطويل”، ربما لو تم انتاج فيلم سينمائي عن قصة صعود وسقوط أشرف السعد لكان هذا هو الاسم الأمثل، فرجل الأعمال الأشهر خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي قضى ما يقرب من 26 عامًا بالخارج قبل أن يقرر العودة إلى مصر في مايو الماضي.

– الصعود والسقوط والهروب الطويل

في حي المنيرة ولأسرة متوسطة يعمل ربُها موظفًا بهيئة الإسكان والتعمير، ولد أشرف السعد في الأول من يناير عام 1954، وتخرج في المعهد العالي للدراسات التعاونية عام 1977، وعمل بأحد المحال التجارية بعد تخرجه، ثم بدأ في تكوين عمله الخاص الذي قام في معظمه على “تجارة العملة” الممنوعة قانونًا آنذاك ثم ارتبط اسمه بعدد من الصفقات مع عدد من قيادات جماعة الإخوان.

انتهت علاقات “الصفقات” التي كوّنها رجل الأعمال الشاب، بتكوين شركة “السعد للاستثمار وتوظيف الأموال” في النصف الثاني من حقبة الثمانينيات، وموّله عدد من قيادات جماعة الإخوان بهدف توفير مورد مالي كبير للإنفاق على أنشطة الجماعة.. واستمرت الشراكة في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، وأصبحت شركة السعد لتوظيف الأموال هي الأكبر والأشهر ووصل رأس مال الشركة إلى مليار جنيه في فترة التسعينيات.

مع بداية التسعينات، وقع السعد -الذي أصبح “ملياردير” وهو بعد لم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره- في العديد من المشكلات مع المودعين، بسبب عدم سداد مستحقاتهم وأرباحهم مقابل إيداع أموالهم لدى شركته، للاستثمار والتوظيف فيها، ولذلك فكر في الهروب خارج البلاد، تحسبًا لوقوع القبض عليه من الجهات الأمنية وملاحقته قضائيًا.

مع تنامي نفوذ شركات توظيف الأموال، بدأت الحكومة استهدافها، فأصدرت القانون رقم 146 لسنة 1988، في شأن تنظيم عمل شركات تلقي الأموال، وقد وضع القانون ضوابط لإنشاء شركات تلقي الأموال، وألزم القانون الشركات القائمة وقت صدوره بتقديم قوائم مالية معتمدة من مراقب الحسابات، وإشراف الهيئة العامة لسوق المال على أعمالها، خلال ثلاثة أشهر من صدوره.

لم تستطع الشركات الوفاء بالالتزامات التي حددها القانون الجديد، إذ كانت تُدار بأسلوب فردي غير مؤسسي، وغير رسمي في أحيان كثيرة، وبالتالي لم تتمكن من تقديم الميزانيات، لعدم وجود أصول وأنشطة حقيقية في أغلب الأحيان.. وعلى إثر ذلك قامت الهيئة العامة لسوق المال بإحالة تلك الشركات للنيابة العامة والمُدعي العام الإشتراكي، ومع نهاية عام 1989 فُتح ملف شركات التوظيف ومُلاكها وعلى رأسهم أحمد الريان وأشرف السعد وعبد اللطيف الشريف.

وفي فبراير عام 1991، بدأت رحلته الأولى مع الهروب، حيث سافر إلى فرنسا بحجة العلاج، وبعد هروبه بـ3 أشهر صدَر قرار بوضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، وبعد ذلك حُكم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة إصدار شيكات دون رصيد.

وعاد أشرف السعد من فرنسا وتم مواجهته بأكثر من 8 اتهامات من بينها شيكات بدون رصيد وتوظيف أموال وصدر قرار بحبسه وفي نهاية ديسمبر عام 1993 ثم أخلي سبيله بكفالة 50 ألف جنيه وتم تشكيل لجنة لفحص أعماله المالية، وتمكن أشرف السعد من السفر إلى فرنسا مرة أخرى للعلاج في عام 1995.. في الوقت الذي قام فيه المدعى العام الاشتراكي بالتحفظ على جميع أموال وممتلكات السعد بإعادة ورد أموال المودعين من الأفراد، والشركات والبنوك لديه بنسبة 100%، حسبما أعلن وقتها.

ـ ومازال التطبيل مستمرا

على مدار سنوات، في الفترة التي تلت ثورة 30 يونيو، عاد أشرف السعد بقوة إلى ساحة “السوشيال ميديا” مُدافعًا عن النظام الجديد، و”مُطبلا” له حسب تعبيره.
وضع الكثيرون علامات استفهام على ما يقوم به أشرف السعد، متسائلين عن أسباب ذلك.. السبب الرئيسي والوحيد الذي طرحه المتابعون هو رغبة الرجل في العودة إلى مصر.. لكن ذلك السبب طرح بدوره سؤالا آخر عن “دوافع خفية” قد تقف وراء هذه الرغبة.

“بعد أكثر من ربع قرن غياب عن بلدي مصر وكان غيابا جسديا فقط وبقيت روحي في مصر، بعد كل هذه السنين أعود اليوم إلى مصر”، هكذا كتب السعد عبر صفحته على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” قبيل عودته إلى مصر في مايو الماضي.. تحقق السبب، لكن بقي الدافع مجهولا، غير أنه لم يبق كذلك لفترة طويلة.
ففي أعقاب وصوله إلى مطار القاهرة، قال السعد، في تصريحات له، إن أمواله في مصر تقارب المليار الجنيه، مضيفًا “أنا لي 45 مليون دولار عند بنك واحد بس”.

ربما زال بذلك التصريح اللبس الذي اعترى بعض من المتابعين، خاصة وأن الدافع -أو بالأحرى الـ 45 مليون دولار- الذي كان سببًا في عودة أشرف السعد، هو نفسه الدافع لرغبته في الرحيل مرة أخرى عن مصر.
فحسبما نقلت عدة وسائل إعلام محلية ودولية، فقد أكد أشرف السعد، أنه “قرر العودة مرة أخرى إلى لندن”.. مشيرًا إلى صدور حكم قضائي بالإفراج عن جميع ممتلكاته لكنه لا يعرف كيف يقوم باستردادها.
السعد أضاف، “أعاني من اكتئاب بسبب عدم استرداد أموالي، وأن أشخاص يضعون أيديهم على أملاكي”، معربا عن “دهشته من قرار الدولة بإعادة أملاكه دون تمكينه منها”.. متابعا “اتجهت لجهاز الكسب غير المشروع والنيابة العامة فالدولة قررت الإفراج عن جميع ممتلكاتي، ولكنه إفراج على الورق، وهناك أشخاص وضعوا أيديهم على تلك الممتلكات”.

لكن عددٌ من وسائل الإعلام نبه إلى تصريح السعد الذي قال فيه إن “هناك أشخاص وضعوا أيديهم على الممتلكات”، وأشاروا إلى أنه وقبل مغادرته لمصر على خلفية قضية توظيف الأموال، كان قد أودع مبلغ 50 مليون دولار، في أحد البنوك الخاصة، زاعمين أنه وبعد عودته وسعيه لاسترداد الأموال فوجئ بسحبها من قبل أحد الأشخاص بناء على توقيع مزور، وأنه اتجه للمحكمة من أجل أثبات التلاعب في حسابه البنكي وحصل بالفعل على حكم يثبت واقعة التزوير غير أنه لم يتمكن مع ذلك من استرداد الأموال.
لكن أشرف السعد، وفي رد على سؤال حول “الشخص” الذي تمكن من تزوير توقيعه والحصول على أمواله، قال في تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر، “أقسم بالله أنني وكل ما أملك فداء لمصر والرئيس السيسي وجيش مصر ومن استولى على أموالي أشخاص لاعلاقة لهم بالدولة وهم تجار أراضي وأصحاب أعمال استغلوا ثقتي بهم”.
حالة اليأس التي انتابت السعد، هي التي دفعته للتفكير في العودة مرة أخرى إلى لندن، لكنه وبرغم ذلك كتب عبر صفحته على تويتر “انا مش عارف اطبل من مصر عاوز ارجع لندن اطبل من هناك”.. وفي تدوينة أخرى قال “إن شاء الله تعالى خلال عشرة أيام اعود الى لندن وان شاء الله مايكنش فيه عائق”.

– السوشيال يهاجم السعد.. والسعد يهاجم الإخوان

خلال الساعات الماضية، تصدر اسم أشرف السعد قائمة الأعلى تداولا على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، وسط أنباء لم تتأكد صحتها حول منعه من السفر.
اختلط الجد بالهزل في تدوينات جمهور “السوشيال ميديا”، لكنها أجمعت على انتقاد الرجل، وصبت اللعنات على مواقفه، القديم والحديث منها.. بعض تلك التدوينات دعاه إلى البقاء في بلد “أفضل من أوروبا” والبعض الآخر طالب بمحاكمته بتهمة الإساءة لسمعة مصر.

أحد المدونين ويدعى شريف التونسي كتب تدوينة قال فيها “خليك في البلد اللي فيها طرق مش في أوروبا وابعت جيب معك الشعب اللي هناك ورحّل اللي هنا، انت مش قلت البلد دي الشعب عاوز يتغير خلاص خليك هنا بلاش تسافر”.. بينما تقدم حساب آخر بما قال إنه “بلاغ للنائب العام”، مؤكدا أن أشرف السعد “يُشهر بالبـنوك المـصرية و يـتـهـمـها بالاستيلاء على ودائع العملاء مما يضـر بالاقتـصادي الـمصـري و سمعة مصر”.

صفحة أخرى باسم “بهلول القول” قالت “أنا الصراحه مصدق أشرف السعد، المبلغ يستحق المخاطرة لكن السؤال مين اللي سحب. الفلوس لازم تحقيق عاجل بالقانون”.
حساب آخر باسم خالد السرتي قال في تغريدة “بلاغ إلى النائب العام المحترم: مهما بلغ خلافنا مع القيادة السياسية فلا نقبل ما قام به المدعو أشرف السعد من تشويه متعمد للإنجازات بتعمده القدوم إلى مصر وسط زفه إعلامية ثم إعلان رغبته الرجوع ليعطي رسالة خبيثه بأن ما تم من إنجازات هو أمر وهمي”.

فيما أضاف عبدالمغني أبوالنور “أشرف السعد بيقول: أشعر بالاكتئاب وقررت العودة إلى لندن مرة أخرى.. وإن شاء الله مايكونش فيه عائق! وبيقول: الدولة أفرجت عن ممتلكاتي ولكن هناك أشخاص يضعون أيديهم عليها.. ربنا يسهل ويتم منعة من السفر علشان يبقي يحدف الطبلة في النيل؛ أشرف السعد لو رجع إلى أوربا فسوف يكون معارض وشوكة ضد النظام هذا ما يخطط له.. لذا نتمنى أن يُمنع من السفر”.
ويضيف في تدوينة أخرى “ندعو المحامي سمير صبري لرفع دعوى قضائية عاجلة على (الهارب المحتمل) أشرف السعد بتهمة الإساءة إلى الدولة وإهانة القضاء والتشكيك في قدرة الدولة ونشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة.. قال إكتئاب قال!”.
حساب آخر باسم هشام البسيوني قال “أشرف السعد عاوز يحرم نفسه من الاستمتاع بالانجازات اللي حصلت في مصر ويظهر حن للعذاب وحياة الفقر فى بريطانيا”.

لكن أشرف السعد عاد عبر بث مباشر من خلال صفحاته الرسمية على مواقع التواصل، متهمًا جماعة الإخوان بالوقوف خلف الهجوم عليه وحملة الانتقادات التي تعرض لها.
وقال السعد إن جماعة الإخوان تتاجر بموقفه وتزعم أن الدولة تخلت عنه، مضيفا “لم يعدني أحد في الدولة بشئ حتى يتخلوا عني، كما أن الدولة بها قانون يطبق على الجميع، ومواقفي الداعمة للدولة وتطبيلي لها ليس بغرض انتظار خدمة شخصية أو دعم من أحد إنما هو عن قناعة تامة”.

خلال الفيديو جدد السعد التأكيد على أن “الرئيس السيسي فلتة من فلتات الزمان أرسله الله لكي ينفذ مصر في أوقات عصيبة”، وقال “ذكرت أنني سأغادر إلى لندن، وأنني أمر بفترات صعبة وقاسية، وفي حالة ضيق شديدة لأنني إلى الآن لم أتوصل إلى حلول لمشاكلي ولم أحصل على مالي وحقوقي وأموالي، وفوجئت بجميع قنوات الإخوان الفضائية قد جندت برامجها للحديث عن هذه القصة”.
وأعرب أشرف السعد عن “فرحته بهذا التصريح”، قائلا إنه بمثابة اعتراف من الإخوان بأن الرئيس السيسي هو رئيس لكل المصريين ولا يوجد عنده لا وساطة ولا محسوبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *